غدا يعرض الفيلم فى التلفاز ..... لن أخرج من البيت غدا ... لكم كنت أحمقا حين فاتنى ه ذا الفيلم فى السينما
قد تسمع عزيزى القارئ ه ذا الحوار فى الشارع .. فى الكلية .. فى العمل .. فى بيتك .. أو لربما كنت أنت نفسك طرفا فيه
المقصود بالسينما فى عنوان هذا المقال ليس دور السينما وإنما صناعة السينما ... تلك السينما التى فى كل بيت ... السينما التى يشاهدها ويتأثر بها الكبير والصغير ... ذلك الزائر الموجود دائما فى بيتك ... ودون دعوة أيضا
قد يحدد فيلما ما نوع الموضة لهذا العام .. أو طريقة جديدة لقص الشعر ، أيضا القفشات و النكات التى تبتكرها تلك الأفلام سرعان ما تجدها فى أفواه الجميع ... فلا تغامر وتسأل أحدهم مثلا : نفسك فى إيه ؟ لأن الإجابة حتما هى : كاماننا .. ولعلك لاحظت أيضا الأثر الذى تركته سلسلة أفلام الليمبى على الشباب الذين أصبحوا كلهم و كأنهم أصيبوا بالبلاهة والعته
كما ذكرنا من قبل نحن نتحدث هنا عن صناعة السينما .. فمن الذى يصنع ؟ من المتحكم فى تلك الصناعة ؟ إذا كانت السينما تصل للجميع وتؤثر عليهم تأثيرا كبيرا
على مدار تاريخ السينما .. استخدمت السينما كآداة .. كسلاح ... كوسيلة من قبل القادة السياسيين لتوصيل أفكارهم ولترسيخ سياساتهم أو لكسب التأييد الشعبى لحدث أو قرار ما
فلو أخذنا السينما الأمريكية كمثال .. فإنها تخرج أمريكا فى صورة الحلم الجميل والمثالية .. حتى إن شبابنا من جيل الثمانينات و الذين تربوا تربية أمركية خالصة من خلال الأفلام الأمريكية لم يكن أحدهم ليخجل من أن يعلن علنا عن حبه لأمريكا وعن رغبته فى الهجرة إليها نهائيا و .... ، لربما قلت هذه الحده عند شباب التسعينات بسبب زيادة الوعى - ولو قليلا - و النظرة لأمريكا على أنها عدو أو على الأقل أكبر حلفاء العدو
كذلك أظهرت السينما الأمريكية دائما الأمريكى بالقوى الذى لا يهاب مواجهة الموت فترى الجندى الأمريكى يغادر بلاده فى مشهد مؤثر تاركا خلفه أهله و حبيبته وكلبه الصغير ذاهبا لدق أعناق الفيتناميين ... ولكن هؤلاء الأوغاد يأبون أن يموتوا بتلك البساطة فيصيبوا صديق صديق البطل الذى يفضل الموت على أن يعرض زملاءه للخطر فى محاولة إنقاذه .. دائما ما يكون صديق البطل فى هذا الموقف ... حتى إنى لأظن أن الأمهات الأأمريكان الآن ينصحون أبناءهم قبيل دخول الجيش بالبعد عن صداقة البطل
المشكلة هنا أن أحداث الفيلم تجعلك تحب هذا البطل .. تجعلك تعيش مشكلته وتتعاطف معه .. تجعلك تتمنى من أن ينتهى من قتل من ذهب لقتلهم سريعا حتى يعود لفتاته الحزينة التى فى إنتظاره .. هنا تحقق غرض من صنعوا الفيلم فقد جعلوك تتجاهل تماما الجريمة التى ارتكبها الأمريكان فى فيتنام .. جعلوك تنظر للأمر من وجهة نظر البطل .. من وجهة نظرهم
ليس هذا المثال الوحيد ... فانظر لأفلام ما قبل حرب العراق .. وما بعدها .. انظر للأفلام التى دائما ما تصور العرب و المسلمين بالهمج و المجرمين اللذين يشكلون خطرا على العالم أجمع .. ولذا لاتتعجب إن كان العالم كله يرانا كذلك ... فهذا الفيلم الذى يخرج من استوديو صغير فى هوليوود يشاهده فى اللحظة التى تقرأ فيها هذا المقال طفل صغير و أسرته فى قرية صغيرة فى منغوليا
ولو نظرنا إلى السينما فى مصر .. نجد أفلام " عادل إمام " على سبيل المثال قد اتخذت كآداة لمواجهة و السخرية من اللحية .. فدائما ما تجد الملتحى فى أفلامه إما ساذجا أو محتالا أو ارهابيا وذلك إما بسبب فهم خاطئ أو ( مقصود ) للدين
أيضا فى مصر نجد أفلام ما بعد الثورة استخدمت لترسيخ الثورة فى وجدان الشعب .. لإظهاراها أمامهم كأنها طوق النجاة من الغرق فى بحر الإقطاع و الفساد ، أيضا أفلام ما بعد التأميم .. وأفلام ما بعد النكسة جاءت كلها خفيفة و فى غاية التفاهة لمرجد لفت أنظار الشباب عن السقطة السياسية و العسكرة التى كانت تعيشها البلاد وقتها
الآن أيضا لا تجد فيلما يخلو من حوار الوحدة الوطنية و الإخاء بين المسلمين و المسيحيين
الحلاصة ....... إن السينما سلاح خطير .. لسان يتحدث أبلغ من أبلغ المتحدثين ... ولكننا نفتقد هذا السلاح خارج حدودنا ... فهو عندنا سلاح محلى فقط يستخدم منا ولنا وعلينا .... بينما تجد الآداة الإعلامية الصهيونية على سبيل المثال تروج لأفكارها فى الغرب وبصورة كبيرة .. تحتاج من صناع السينما عندنا بذل مجهود - لم أقل أكبر لأنه لا يبذل مجهود أصلا - لمواجهتها
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق